• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : "السعودية" ""سيدة الكبرياء العربية"" .
                          • الكاتب : د . سمر مطير البستنجي .

"السعودية" ""سيدة الكبرياء العربية""

  حورية من حواري الأرض!!
  على جبينها الوضّاء ارتسمت خارطة الشرق بأنامل الشمس وألوان الأصيل ... وعلى مقلتيها تمددّ الليل هَيمانا،فترك من سوادهِ فيهِما قُبلتين......ومن وحي التقاليد بانت على متون كفّيّها تلك التموجات السرّية والنقوش السَرمديّة المجبولة بالحناء المُعتّق المُختمر، العابِق برائحة الأصالة وكبرياء السّيدة العربية. 
     لها جيدُ غزالة برّية جريئة واثقة حَذره .. لطالما مارست مع السراب تحت عين الشمس شقاوتها وتحت فضّية القمر رقصتها ..فغدت سمراوية اللون ..بدوية الطابع.. أبجدية اللسّان طيبة المَعشر.. سليلة العِرق...ميّاسة القَدِّ ممشوقة القَوام كنخلاتها.. 
               هي سيّدة صحارى الأرض!
      نَبتت من رحم الصحراء وهناك ترعرعت.. فغَدت ثُنائية الطبع والتكوين .. فإن نابها الدهر!  كان لها صلابة الصخر ولسعة الشوك ومرارة الصبر وحَذر الضبية الجميلة وسُميّة الأفعى المتمرّدة .. وغدت في رقة الدهر! عرائس حريرية الملمس..عاجية المظهر..لُجينية الخِلقة..شفائيّة الخواص كزمزم مائها ورُطب نخلاتها...
     ليل صحرائها مفعم بالحياة..فكلما هزّت الريح أوتارها، وغنّت معزوفتها الشرقية الطابع، وهمست لها بوشوشاتها الأبجدية؛ ضّجت سيدة الكبرياء بالوداد.. فطربت وترنّحت وتغنّت شعرا وتطايرت نثرا..وغدت كطيور تهافتت على ضِفاف بحور الأبجدية .. شقشقاتها أنغام حروف تغني الضّاد بألحان سرمدية  يَستشفّ منها القاصي والداني حلاوة اللغة وطلاوة المعنى.
   ولها مع الرملات المتناثرات كالمَرمر ، الناعسات تحت خمور القمر ألف حكاية وحكايه.. فلطالما سَهرت معها تكتب للأجيال القادمة حكاية العشق اللذيذ بين أقمار السماء وأشيائها ،وما بين الأرض وأطرافها والتي أنجبت تضاريس البقاء..وخطّت على الرمال آثار الزمن الجريء.
  وفي ذات ليلة سَمرٍ قمَريه ؛جلست سيدة الكبرياء على شُرفة نجمة فاتنة، تكتب على ورقة من سعف نخلة بِكر عذراء سيرة مَريم الأولى..فأنجبت الصحراء في تلك الليلة تَمراً سُكّريُّ المذاق ،بَهيّ الطَلعة ، يَسُرّ الناظرين.
    هي سيدة حَواري الأرض.. من رحمها قد تلقى الكون صرخة الميلاد الأولى وفي حضنها كانت نشأته (ص) ..حتى مهبط الوحي بالرسالة فاتقاد جذوة الإسلام.
 فلا عجب إن كانت ماسة التاج ، ودرّة الكون ، وواسطة العِقد الفريد حيث الكعبة المشرفة تنثر أنوارها وبركاتها على كل الأرجاء كلما دارت الأرض دورتها..
     لعطر سيدة الكبرياء الف رائحة ،والف لون ، والف قصة وقصه..
فعطرها الزيتيّ الأسود هذا ، الممزوج بالدفء، والمليء بالتاريخ ، والمصنوع من آلاف القلوب النقيّة التقيّة الطاهرة يَعِدُ العالم بالأروع..يمتدّ كشريان حياة يوصل القلوب بالأخرى ،فمنه قد تضوّعت رائحة مميزه تُسكِرُ العَالمين..وتفتح لدروبها أبواب الحنين.. فإذا بهم عشّاق قد رغبوا وِدادها وزاروها في ليل عَتمتهم الطويل لتُنير دروب ظُلمتهم ،وتسكب حرارة البقاء في أوصالهم. فتلتهب شوقا اليهم مثلما التهبوا، وتنهض كالأم الرؤوم تحتضن مواجعهم .. فتمدُّ ساعدا للعطاء وتوقد فتيلا من ضياء، وتُضفي على أماكنهم لمحة الأمان ووحي السكون.
    سيدة الكبرياء:
   لك التحيات العبقات المخضرّات اخضرار الربيع ..الملونات بألوان قوس قزح والشامخات كشموخ نخلاتكِ الفارعات الرانيات إلى السماء من فرط العنفوان،الراسيات المتجذرات  أقدامها  في عمق الأصالة حتى النخاع.
لكِ التحيات يا أم جدّة - حيث التقاء الأزرقين:البحر والسماء، ويا أم الإحساء والقصيم -حيث حشود مزارع النخيل تمتدّ كأسراب حمائمٍ تعانق الفضاء وتكحل بأناملها عيون الأفق وترسم أهدابه.
     لكِ التحيات يا أم الدمام - حيث وشوشات البحر.. وحيث المياه تكتب همساتها على الثرى في هدأة الفجر ، وتنقش على الصخور عشق الشطآن وتترجم آيات العناق.
     وثمّة أماكن كثيرة أزهرت فرحاً وأنجبت فصولاً على جنبات تاريخ تلك الدولة العريق ..لها فلسفة الحكماء ،ولها إطلالة شمس قادرة يُشرق منها الضوء المبشّر بولادات تاريخية أصيلة جديدة..تحمل شعاعاتها الجوالة السائحة في أفق الكون ؛ لكل الكون سيرة سيدة التاريخ ، وغزالة الصحراء ، ومُلهمة العَرب.
فلها..
ولأجلها...
اهدي كل تعابيري:
 
 
الى سيّدة الكبرياء العربية
يا دار عزّ لا اله لا الله رايتهـــا           بالنصر قد بُشّرت مـن سـالف الـدهــر
من عهد آدم قد كانت لهـا ِسيَــرٌ           كالسيـف يلمـع فـي الظلمـاء.. كالبـــدر
الديـن منهجهـا والهـَدي سنّتهــا            وبهِمـا قــد جـاءهـــا القـرآن بـالبِشـــر
بالعلم شادت فوق الغيم منزلهــا            وفوق الشهــاب وفــوق الأنجــم الغُـــرّ
المسك تربتهـا والمـاء زمزمهـا            وهُمــا الشفـــاء من هَــــمٍّ ومـن كَــــدَر
ومــن القلــــوب عشاق مــــن             أقاصيها ، تنـاديهـــم بالهـــوى العُـــذري
وإذ بالجموع قد جـاءت لكعبتهـا            عــلّ الرحيـم يــداويهـــا مـــن الـــوِزر
فطـوبى لمن زار الشعائر مبتهلاً           يرجـو الهدايــة فـــي أيـامهــا العَشـــر
بـرزق الله قـد فاضـت منـابتهــا           بدعــوة نبـيّ فـــي أكنـافهـــا تَســــري
بدم الحضارة قد تفجّـر منبعهـــا           زيتــا يُضـــــيء مــواكــــب الحَضَـــر
سبحان من ساق الغمام مرحمـة           مـــن بعـد الجـدب والحـرمان والحَــــرّ
فإذ بالجنـان قـد بانـت مباهجهـا            ومن تحت جنانهـــا أنهارهـا تجـــــري
وجنـود الــورد حُـراس تطوقهـا           كـرمـوش حـــول العيــــن تَستَشــــري
فغــدت رياضـــا قـد طـرزت لها          شمــس البــوادي أثـــوبهـــا الخُضــــر
والنخــل فيهــا آيات من الحسن            من طيبهــا قـد مــالَ القلــب بالسُكْــــر
يا دار عــزّ لا اله إلا الله رايتهـا          بالنصر قـد بُشّرت مـن سالـف الدهــــر
قُبيل الفجر كنتِ للتاريـخ سيــّـدة          وبعــد الفجــــر آيــــــات مــــن الطُهــر.
 
بقلم:سمر مطير البستنجي
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=10342
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 10 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13