قال تعالى : " مايلفظ من قولٍ إلّا لديه رقيبٌ عتيد " .
التفكير النقدي باختصار هو : إطلاق الأحكام المنطقية السليمة .
من مهاراته : تمييز الحقائق ، التفريق بين المعلومات المتعلّقة بالموضوع ، المرونة ، الملاحظة ، صياغة الأسئلة ، التمييز بين الافتراضات الخاطئة والصحيحة .
من معاييره : الوضوح ، الصحّة ، الدقّة ، الاتّساع ، المنطق .
وقيل في بيان الآية الشريفة : مايتكلّم الإنسان من كلام فيلفظه ويرميه من فيه إلّا وكان لديه رقيب ، أي ملك يرقب قوله ويكتبه ، وهو الحافظ المتتبّع لأُمور الإنسان فيكتب مايقوله من خير أو شرّ ، ويشمل الفعل أيضاً . واختلف العلماء في كتابة الملك كلّ شيء أو ما فيه العقاب والثواب فقط .
نقول : ينبغي بالتفكير النقدي أن يصنع اللبنة الأساس للفكر النقدي الذي يقود إلى المراجعة والاستقراء والفحص والحفر والمقارنة والتحليل والاستنتاج والتصحيح .
ومن جانبٍ آخر لاينبغي للمنتقَد - بالفتح - الاستسلام فوراً للناقد ، فلعلّ من النقد مايرد عليه من النقد مايدحضه ويدفعه ، ولاسيّما أنّ بعض النقد منبعثٌ من دهاليز الشخصنة والحسابات الخاصة والعقد النفسية كالحسد والغرور ونظائرهما ، بل بعضه منطلقٌ من زاوية تنفيخ وإعلاء نتاج الناقد من خلال الانتقاص من نتاج الآخر ، فيتخيّل أنّ نتاجه فتح الفتوح ونتاج الآخر ماهو إلّا تبذير الأموال وسفسطة الجرائد وتشتّت الطرح ، بينا الإشكال واردٌ على بضاعته بأوضح المصاديق من حيث انعدام الابتكار والاجترار المرفوض والتطويل المملّ ، فهو ليس سوى تحصيل حاصل وإثبات ثابت ، ناهيك عن مصادرة الجهد وتجنيد الطاقات واستغلالها لمحصولٍ ذاتي يفاخر بإشغاله رفّاً كاملاً من رفوف المكتبات وأكثر وكأنّ الكثرة هي المناط والميزان !!خصوصاً إن كان ذو المحصول معروفاً بمحدوديّة إمكانياته العلمية وخطوطه المعرفية ..
إنّ كلّ نتاجٍ فكريٍّ ثقافيٍّ يحمل سمة الاجترار والتطويل المملّ ويفتقد الابتكار ولايستنهض العقل ولايحرّك اللبّ ولايثير الإحساس فمزابل التاريخ أولى به وأحرى .
علينا أن لانتغافل ولاننسى أنّ الزمكانية والعقلانية حقيقتان لاغبار عليهما ، فتجاوزهما وإهمالهما يعني حذف حاجة مصيرية من حاجات الدين والحياة والإنسان ، فمع إجلالنا وثنائنا على النتاجات التقليدية المفيدة بالطبع ، ينبغي أن نهتمّ كثيراً بعامل السرعة الخاطفة وتصرّم الوقت العجيب والتنوّع المثير ، والتنوّع بحدّ ذاته يفرض علينا التكيّف مع مفهوم الحاجة وتلوّن المتلقّي وتفاوت الاستيعاب ، بحفظ الأُصول والثوابت.
ومن المؤسف حقّاً محاولة البعض رسم المسار لهذا وذاك وتعيين التكليف وهو بعدُ لايدري ماالمسار وأين يقعُ !!
|